خطبة بعنوان : “المسؤلية الإنسانية والمجتمعية في الإسلام”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 5 من ذي القعدة 1438هـ، الموافق 28 يوليو 2017م
خطبة بعنوان : “المسؤلية الإنسانية والمجتمعية في الإسلام”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 5 من ذي القعدة 1438هـ، الموافق 28 يوليو 2017م.
لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الخطبة كما يلي:
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .أما بعد فيا جماعة الإسلام
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:“كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ ومسئول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مسئول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ ومسئول عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ ومسئول عَنْ رَعِيَّتِهِ”(البخاري ومسلم).
هذا الحديث أصل في تحمل المسؤولية التي سوف يحاسب عنها الإنسان يوم القيامة. لكن هذه المسؤولية يفهمها بعض الناس على أنها مسؤولية مادية، فالأب يتوهم أنه بمجرد أن يجلب لأولاده طعاماً وشراباً، وأن يؤمن لهم كساء في الشتاء ووقوداً, وما يحتاجون من حاجات مادية، فقد أدى الذي عليه .
فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما يقول: “كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته”
الرعاية لا تتجزأ، الرعاية وحدة متكاملة، كما أنك ترعى صحته, عليك أن ترعى دينه، كما أنك ترعى حاجاته المادية, عليك أن ترعى حاجاته الروحية، كما أنك ترعى في ابنك ارتباطه في البيت, يجب أن ترعى ارتباطه بالله عز وجل . حقيقة أذكرها لكم مستنبطة من آية كريمة، ولها علاقة وطيدة بهذا الموضوع، لا تقتضي الرعاية العنف ولا القسوة .بقول صلي الله عليه وسلم :“لموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف“(الحارث في مسنده). وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ”إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ”(مسلم ).
والله عز وجل رفيق يحب الرفق في الأمر كله، فكلما نما الإيمان في قلب الإنسان ازداد رفقاً بمن حوله، ازداد لطفاً بمن حوله، أحياناً يقرأ الإنسان الآية, ولا ينتبه إلى خطورة معانيها، حينما قال الله عز وجل: وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ”(آل عمران/159).
إخوة الإيمان:
والحديث اليوم عن المسؤلية بأنواعها :فما هي المسؤلية ؟
المســــــئولية لغة:هي الأعمال التي يكون الإنسان مطالباً بها.
والمسئولية اصطلاحاً:المسئولية هي المقدرة على أن يلزم الإنسان نفسه أولاً, والقدرة على أن يفي بعد ذلك بالتزامه بوساطة جهوده الخاصة ..وقيل: المسئولية حالة يكون فيها الإنسان صالحاً للمؤاخذة على أعماله وملزماً تبعاتها المختلفة.
أنواع المسؤلية :
1-مسئولية الدينية: وهي التزام المرء بأوامر الله ونواهيه, وقبوله في حال المخالفة لعقوبتها ومصدرها الدين.
الحقيقة أن المهمة الأكبر والأخطر، والتي سوف يكون السؤال عنها أشد هي: مسؤولية الأب عن دين أولاده, وعن أخلاقهم, وعن مستقبلهم الأخروي، لأنه ورد في الأثر: أن الابن إذا لم يعتن أبوه بدينه واستوجب النار، يقول: يا رب لا أدخل النار حتى أُدخِل أبي قبلي . فالآباء الذين يعتنون بأبنائهم من حيث: طعامهم, وشرابهم, وكسائهم, وحاجاتهم المادية، ولا يلقون بالاً لدينهم, وأخلاقهم, وصلاتهم, ومستقبلهم الأخروي, ومصيرهم إلى الجنة أو إلى النار، هؤلاء الآباء قدموا شيئاً زائلاً, ينتهي بانتهاء الحياة .
2-المسئولية الاجتماعية: هي التزام المرء بقوانين المجتمع ونظمه وتقاليده.
وقيل: هي المسئولية الذاتية عن الجماعة, وتتكون من عناصر ثلاثة هي: الاهتمام والفهم والمشاركة.
- المسئولية الأخلاقية الإنسانية هي حالة تمنح المرء القدرة على تحمل تبعات أعماله وآثارها, ومصدرها الضمير.
عباد الله :
من أهم المسؤوليات مسئولية الإنسان أمام ا لخالق عز وجل:ذكر جمهور المفسرين أن الأمانة تعم جميع وظائف الدين, وان جميع الأقوال في تفسير قوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان.
متفقة وراجعة إلى أن الأمانة هي التكليف وقبول الأوامر والنواهي.
إن حمل هذه الأمانة يعني مسئولية الإنسان عنها واستعداده لتحمل نتائجها وقبوله بمبدأ الثواب والعقاب المنوطين بها.
- ومن الأمانة :
- “توليــــــة أصحاب الخبرة والعلم الأمناء”
يجب على المسؤل ألا يولِّى على عمله إلا صاحب الخبرة والعلم في تخصصه، وصاحب الدين والخلق الذي يتقى الله في عمله والعاملين معه، ويجعل هذا هو المقياس الذي على أساسه يختار القيادات، فلا يقدم صاحب الولاء الجاهل الذي لا دين له ولا أخلاق، وكل ما لديه أنه يجيد فن التزلف والتملق والمداهنة، وعادة من هذا حاله أنه يفتقد الخبرة العلمية والعملية والأخلاقية، وإنما أجاد ما أجاد ليكمل نقصه وليصل إلى مراده وغايته من النهب والسرقة؛ ليحقق لنفسه ما يريد بأي وسيلة، وإن أدى ذلك إلى الخراب؛ فهو لا يعبأ إلا بنفسه، ويستبعد أصحاب الخبرة والمعرفة حتى لا ينكشف عواره، فإن وجود أصحاب الخبرة والمعرفة بجوار من لا خبرة له تجعل أصابع الاتهام تشير إليه وتعرف الناس بجهله لقربهم منه، ولو لم يتكلم أحد، بل إن الجاهل لا يكتفي بإبعاد أصحاب الخبرة، بل يعمل جاهدًا على إقصائهم بكل وسيلة حتى لا تتكدر نفسه برؤيتهم، وهو بذلك يكون قد خان رعيته. وهذا يؤدى بدوره إلى الخراب الذي يسبق قيام الساعة؛
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”(البخاري).
بل إنَّ أحاديثه صلَّى عليه وسلَّم تجاوزَتْ هذا التَّوجيه الأخلاقيِّ النَّبويِّ الكريم، بضرورة مراعاة الله تعالى في أمور الحكم، إلى تفاصيل عمليَّة إدارة الرَّاعي لشئون حُكمه، بما فيها ضرورة التَّدقيق في اختيار مُوظَّفي الدَّولة، وذلك في حديثٍ صحيح قال فيه، وهو الذي لا ينطِقُ عن الهوى:”مَنْ وَلِيَ من أمرِ المسلمين شيئًا فأمَّر عليهم أحدًا مُحاباةً فعليه لعنةُ اللهِ، لا يَقْبَلُ اللهُ منه صَرْفًا ولا عدلاً حتى يُدْخِلُه اللهُ جهنَّم”( أحمد في مُسنَدِه والحاكم في المستدرك عن الخليفة أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي اللهُ عنه).
وعن عبد الله بن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسول الله صلَّى عليه وسلَّم: “مَنْ تولَّى من أمر المسلمين شيئًا فاستعمل عليهم رجلاً وهو يعلمُ أنَّ فيهم من أَوْلَى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسُنَّةِ رسولِه فقد خان اللهَ ورسولَه وجميع المؤمنين”( الطَّبرانيُّ).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما ، فقد خان الله ورسوله والمسلمين .
وكتب أحدهم إلى أحد الأمراء : ” وشاور في أمرك الذين يخافون الله تعالى، واحذر بطانة السوء. فإنهم إنما يريدون دراهمك ويقرّبون من النار لحمك ودمك.(ترتيب المدارك 2/36).
أيها الناس :”ومن الأمانة :” النصيحة لولي الأمر “
ومن حقِّ المسؤل المسلم الموحِّد على رعيته كذلك أن ينصحوا له، وألاَّ يُضمِروا له إلا خيراً و النصيحة لولاة الأمر تكون بأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، ونصرتهم في الحق، ومنعهم عن الظلم، وإضمار الخير لهم .. وتوقيرهم من غير غلو ولا تملق .. وطاعتهم في المعروف .. وإعانتهم على ما فيه خيري الدنيا والآخرة .. وتعريفهم بموارد الهلكة والنجاة .. وعدم غشهم والكذب عليهم بتزيين الباطل أو تقبيح الحق والفضيلة في أعينهم .. كل هذه المعاني تدخل في معنى مناصحة ولاة الأمر.
عن ابن عيينة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” الدينُ النصيحة ” قلنا: لمن؟ قال:” لله، ولكتابِه، ولرسولِه ، ولأئمة المسلمين، وعامتهم ” مسلم.
وعن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” ثلاثٌ لا يغلُ عليهنَّ قلبُ المؤمن: إخلاصُ العملِ لله، والنَّصيحةُ لولاة الأمر “(صححه الألباني).
وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” ثلاثةٌ لا يغلُ عليهنَّ قلبُ المؤمن: إخلاصُ العملِ لله، والنصيحةُ لولاةِ الأمر، ولزومُ جماعتهم، فإنَّ دعوتهم تحيطُ مِن ورائهم”[صحيح)
وعن عائشة، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” من ولي منكم عملاً، فأرادَ اللهُ به خيراً، جعلَ له وزيراً صالحاً؛ إن نسي ذكَّرَهُ[أي ذكَّره بما يجب عليه مما قد نسيه، فإن ذكرَ الوالي ما يجب عليه القيام به نحو رعيته وبلده .. أعانه هذا المسؤل على ذلك؛ أي أن مهمة الوزير غير مقصورة على التذكير وحسب؛ بل على تذكير الوالي بالخير وعلى إعانته على فعله والقيام به أحسن قيام. وإن ذكَرَ أعانَه “[النسائي].
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” ما مِن والٍ إلا وله بِطانتان: بِطانةٌ تأمرُه بالمعروف وتَنهاهُ عن المنكر، وبطانةٌ لا تَألُوه خَبالاً[الخبال هو الفساد؛ أي لا تُقصر ولا توفر جهداً في إفساده، وإفساد الحكم عليه .. وما أكثر هؤلاء في زماننا! ، فمن وُقِي شرَّها فقد وُقِي، وهو مِن التي تغلِب عليه منهما “[أحمد والنسائي).
وعن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” إذا أرادَ اللهُ بالأميرِ خيراً جعلَ له وزيرَ صِدقٍ؛ إن نسيَ ذَكَّرَه، وإن ذَكَرَ أعانَهُ، وإذا أراد اللهُ به غير ذلك؛ جعلَ له وزيرَ سُوءٍ؛ إن نسيَ لم يُذَكِّرْهُ، وإن ذَكَرَ لم يُعِنْهُ “(أبو داود).
وعن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:” ثلاثةٌ لا يُكلمهم الله يومَ القيامةِ، ولا ينظرُ إليهم، ولا يُزكيهم، ولهم عذابٌ أليم: رجلٌ على فضلِ ماء بالفلاةِ؛ يمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايعَ رجلاً بسلعةٍ بعد العصْرِ، فحلف له بالله: لأخذَها بكذا وكذا فصدَّقَه، وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماماً لا يُبايعه إلا لِدُنيا؛ فإن أعطاهُ منها وفَى، وإن لم يُعطِه منها لم يَفِ”(متفق عليه).
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد :
عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلي الله عليه وسلم قال:”ليأتيَنَّ على الناس زمان لا يُبالي المرء بما أخذ المال، أمِنْ حلال أم من حرام”(البخاري)
وعند هؤلاء الآخذين غير المبالين الذين لا يعبأون بمسؤلية أنَّ الحلال ما حلَّ في اليد، والحرام ما لم يصل إليها، وأما الحلال في الإسلام، فهو ما أحلَّه الله ورسوله صلي الله عليه وسلم ، والحرام ما حرَّمه الله ورسوله صلي الله عليه وسلم. وهؤلاء لا يعبأون بمسؤلية ولا ينطبق عليهم لفظ الإنسانية مطلقاً ولا يستحيون من الخالق ولا المخلوقين ولهم عذاب شديد في الدنيا والآخرة
وقد ورد في سنَّة الرسول صلي الله عليه وسلم أحاديث تدلُّ على منع العمَّال والموظفين من أخذ شيء من المال ولو سُمِّي هدية، منها حديث أبي حميد الساعدي قال: ” استعمل رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلاً من الأسد، يُقال له: ابن اللتبيَّة على الصدقة، فلمَّا قدم قال: هذا لكم، وهذا لي أُهدي لي، قال: فقام رسول الله * على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم، وهذا أُهدِيَ لي؟! أفلاَ قعدَ في بيت أبيه أو في بيت أمِّه حتى ينظرَ أيُهدَى إليه أم لا؟! والذي نفسُ محمد بيده! لا ينال أحدٌ منكم منها شيئاً إلاَّ جاء به يوم القيامة يحمله على عُنُقه، بعير له رُغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعَر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتَي إبطيه، ثم قال: اللَّهمَّ هل بلَّغت؟ مرَّتين “(البخاري ومسلم).
وعن أبي هريرة قال: ” قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم، فذكر
الغلولَ فعظَّمه وعظَّم أمرَه، ثم قال:”لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله!أغِثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً؛ قد أبلغتك،لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرسٌ له حَمحمة، فيقول: يا رسول الله! أغِثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً؛ قد أبلغتك،لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، يقول: يا رسول الله!أغِثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً؛ قد أبلغتك،لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح، فيقول: يا رسول الله!أغِثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً؛ قد أبلغتك،لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله!أغِثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً؛ قد أبلغتك،لا ألفينَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله! أغِثني،فأقول: لا أملك لك شيئاً؛ قد أبلغتك )(أحمد).
ومن أمثال هؤلاء الذين لا يتحملون مسؤلية أخلاقية أو دينية تجاه مجتمعهم ووطنهم أولئك الذين يروعون الآمنين ويكفي أن نقول علي من يرتكبون هذه الأفعال الإرهابية لا أنهم ليسوا مؤمنين ولا مسلمين لأن ديننا الإسلامي يمنع المسلم عن مجرد الإشارة بالسلاح إلى أخيه المسلم..
حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه “(مسلم( .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه ، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه ) ، فيه تأكيد حرمة المسلم ، والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه . وقوله صلى الله عليه وسلم : وإن كان أخاه لأبيه وأمه مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد ، سواء من يتهم فيه ، ومن لا يتهم ، وسواء كان هذا هزلاً ولعباً ، أم لا ; لأن ترويع المسلم حرام بكل حال ، ولأنه قد يسبقه السلاح كما صرح به في الرواية الأخرى ، ولعن الملائكة له يدل على أنه حرام . فعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ” مَنْ رَوَّعَ مُسْلِمًا رَوَّعَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ أَفْشَى سِرَّ أَخِيهِ أَفْشَى اللَّهُ سِرَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ ”
فهؤلاء الذين يقتلون ويروعون الأبرياء قد بريء منهم الإسلام ف”من حمل علينا السلاح فليس منا” من حمل السِّلاح يُريدُ قتل المُسلم مع عِلْمِهِ بِتحريمهِ واعتقادِهِ بذلك فالأمر خَطير جِدًّا،:”َوَالُ الدُّنيا أَهْوَنُ عِنْد الله من إِرَاقَة دمِ مُسْلِم””ا يَزَالُ المُسلم في فُسْحَة من دينِهِ حتَّى يُصيب دماً حراماًوفي ذلكم الوعيد الشَّديد في قول الله تعالي :”وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا”)النساء /93).
حتى قال ابن عباس:” إنَّهُ لا توبة لهُ, فالأمر خطير جدُّ خطير “من حمل علينا السلاح فليس منا”وكلامُ أهل العلم في مثل هذا بِحَمْلِهِ على الخُرُوج عن الإِسلام والحُكم عليهِ بالكُفر المُخْرِج عن المِلَّة إنْ اسِتَحَلّ ذلك، إنْ اسْتَحَلّ قَتل المُسلم المَعْصُوم مَعْصُوم الدَّم؛ لأنَّ من اسْتَحَلّ الُمحَرَّم المعلُوم تَحْريمُهُ بالضَّرُورة من دين الإِسلام كَفَر, كما أنَّ من حَرّم ما أَحَلَّهُ الله المَعْلُوم حِلُّهُ بالضَّرُورة من دين الإسلام كَفَر -نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.